ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (قرارات «الفار» تضع رابطة التحكيم الإنجليزية تحت ضغط جديد )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.
هل الدوري الإنجليزي الممتاز جاهز لتبني ثورة التغييرات؟
ارتدى المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو العديد من الوجوه والأقنعة أثناء عمله في الدوري الإنجليزي الممتاز، فكان يتلون مثل الحرباء ويغير سلوكه وفقاً لكل موقف، ويشاكس حتى يحقق أقصى استفادة ممكنة لفريقه. وإذا كان تشيلسي قد سحق المنافسين واحداً تلو الآخر، وفاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2015 عن جدارة واستحقاق، فإن أبرز ما كان يميز الفترة بين عامي 2004 و2007 هو شخصية مورينيو المثيرة للجدل وطاقته الهائلة، فكانت كل مباراة يلعبها تشيلسي مليئة بالإثارة بسبب المدرب البرتغالي، سواء كان ذلك بشكل جيد أم سيء. ولم يكن من الغريب أنه عندما خسر تشيلسي أمام جاره فولهام للمرة الأولى منذ 27 عاماً في 20 مارس (آذار) 2006، حافظ مورينيو على دوره كمحور للأحاديث الصحافية ولعناوين الصحف والمجلات.
ومع ذلك، كانت هذه المباراة بمثابة البداية لحدوث ثورة في عالم كرة القدم. لقد حصل لاعب تشيلسي ويليام غالاس على بطاقة حمراء في وقت متأخر من المباراة واستفز جمهور فولهام ووجه لهم إشارات مهينة. ثم اقتحمت جماهير الفريق المضيف أرض الملعب، وهو ما أدى إلى رد فعل قوي من جمهور الفريق الضيف، وتطلب الأمر نزول الشرطة إلى أرض الملعب.
لكن التغييرات التي أجراها مورينيو طغت على كل هذه الأحداث. فبعد مرور 26 دقيقة، قام المدير الفني البرتغالي بإخراج جو كول وشون رايت فيليبس وأشرك بدلاً منهما داميان داف وديدييه دروغبا – وبدا كل منهما خجولاً بعض الشيء في مصافحة زميليهما الغاضبين أثناء الخروج من الملعب. لكن مورينيو لم يتوقف عند هذا الحد، فمع نهاية الشوط الأول، أشرك مورينيو روبرت هوث بدلاً من قلب الدفاع ريكاردو كارفاليو.
وحتى بالنسبة لمورينيو نفسه، كان هذا الأمر غريباً بعض الشيء، نظراً لأنه أجرى التغييرات الثلاثة في وقت مبكر، وهو الأمر الذي قد يعرض فريقه لأزمة كبيرة إذا لم يستطع أحد اللاعبين استكمال المباراة لأي سبب من الأسباب. لقد دمر مورينيو الحالة المعنوية لبعض اللاعبين وأغضبهم بشدة، وأظهر للعالم أنه لا يثق على الإطلاق في بعض لاعبي فريقه.
من المؤكد أن التغييرات المبكرة دائماً ما تتسبب في حالة من الجدل والارتباك، والدليل على ذلك أنه عندما قام المدير الفني لمانشستر يونايتد، إريك تن هاغ، بإخراج لاعب خط الوسط المغربي سفيان أمرابط بين شوطي مباراة الفريق أمام مانشستر سيتي يوم الأحد الماضي، بدأ الجميع يتحدثون سريعاً عن الافتقار إلى الهوية، وعدم ثقة المدير الفني في اللاعبين، بدلاً من الحديث عن تغيير طريقة اللعب التي لم تؤتِ ثمارها.
عندما يصف المديرون الفنيون التغييرات بأنها «تكتيكية»، ينظر الكثيرون إلى ذلك بعين الشك والريبة، ويتساءلون عن السبب الحقيقي وراء ذلك. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز شهد حتى الجولة العاشرة إجراء 47 تبديلاً بين الشوطين، مقارنة بـ30 تبديلاً حتى الجولة نفسها من الموسم الماضي، بزيادة قدرها 17 تبديلاً. لقد تم وصف الغالبية العظمى من هذه التغييرات بأنها تغييرات خططية وتكتيكية، لكن ما الذي يعنيه ذلك؟
لكن الحقيقة هي أن معظم هذه التغييرات لم تحدث تحولات في طريقة اللعب، وغالباً ما تكون عبارة عن استبدال لاعب بآخر في المركز نفسه. كما يجب الإشارة إلى أن أربعة تغييرات فقط من هذه التغييرات الـ47 كانت لفرق متقدمة في النتيجة. وكانت هناك أيضاً تغييرات فرضها حصول لاعبين على بطاقات حمراء، مثل طرد أشلي يانغ لاعب إيفرتون في الدقيقة 37 أمام ليفربول في ديربي الميرسيسايد الأخير.
من الواضح أن زيادة عدد التغييرات المسموح بها إلى خمسة تغييرات كانت هي المحرك الرئيسي لهذه الزيادة في أعداد التغييرات. ويجب الإشارة أيضاً إلى أن التغييرات التي يتم إجراؤها بين شوطي المباراة لا يتم احتسابها كفترة إيقاف (الفترات المسموح خلالها لكل فريق بإجراء التغييرات فيها، التي لا تزيد عن ثلاث فترات)، وبالتالي يكون بإمكان المدير الفني إجراء التبديلات في ثلاث فترات توقف أخرى من المباراة، بشرط ألا يتجاوز التغييرات الخمسة.
وتعدُّ التغييرات بعد مرور نحو 60 دقيقة هي الأكثر شيوعاً، وهي النقطة الفاصلة الكلاسيكية عندما يكون للمدير الفني الحرية في فعل ما يحلو له، نظراً لأنه يكون قد تحدث بالفعل إلى اللاعبين بين شوطي المباراة ويكون اللاعبون قد حصلوا على الوقت الكافي خلال الشوط الثاني لتنفيذ تعليمات المدير الفني. وبالتالي، يمنحهم المدير الفني 15 دقيقة من بداية الشوط الثاني لإظهار أنهم فهموا تعليماته ويطبقونها كما يريد، وإلا سيضطر إلى تغييرهم.
من المؤكد أن مفهوم ضخ دماء جديدة في صفوف الفريق من خلال إجراء بعض التغييرات هو مفهوم قديم قدم الزمن، لكن المطالب المفروضة على اللاعبين الآن تعني أن المدير الفني بات مطالباً بإجراء تغييراته في وقت مبكر. لقد وصف كريس وايلدر ذات مرة مفهوم المتطلبات الذهنية والبدنية للاعبين بأنه «هراء» عند مناقشة إضافة تغييرين إضافيين، وكان مصراً على أن تطبيق هذا الأمر لن يفيد فريقه شيفيلد يونايتد بقدر ما سيفيد الأندية الكبرى. وكانت النظرية المؤيدة لذلك ترى أن الأندية الكبرى لديها قائمة كبيرة من اللاعبين المميزين وبدلاء أفضل من الفرق الصغيرة. وكان وايلدر يُفضل تقليل هامش الخطأ من خلال الالتزام بالتشكيلة الأساسية لفريقه مع إجراء تغييرين فقط. ومن المؤكد أنه لم يكن بإمكانه إجراء تغييرات مميزة بإدخال جيريمي دوكو، وماتيو كوفاسيتش، وجوليان ألفاريز، وجاك غريليش، وماتيوس نونيس، كما يفعل المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، هذا الموسم!
ومع ذلك، فإن زيادة عدد التغييرات لم تكن مؤثرة بالشكل الذي كان يتصوره وايلدر. فخلال الموسم الحالي، لم يكن هناك فارق تقريباً بين عدد التغييرات التي أجريت بين شوطي المباراة بين الأندية الموجودة في النصف الأول من جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، والأندية الموجودة في النصف الثاني من الجدول. يأتي برايتون في المقدمة بستة تغييرات، ثم يأتي كل من بيرنلي وولفرهامبتون وآرسنال بعد ذلك بخمسة تغييرات.
لا تزال كرة القدم مهووسة بفكرة التسلسل الهرمي على أساس القدرة والجودة، فاللاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يدخل الملعب بديلاً، قد يكون مُذنباً وعرضة للانتقادات حتى قبل أن يلمس الكرة إذا لم يُعتبر جيداً مثل اللاعب الذي خرج من الملعب. وفي المقابل، فإن الفرق في دوريات مثل دوري كرة القدم الأميركية أو الدوري الأميركي للسلة للمحترفين تقوم بإجراء تغييرات بالجملة في الوقت نفسه، دون أي مشكلة.
وهناك حجة مفادها أنه من المنطقي أكثر بالنسبة للأندية الموجودة في مؤخرة جدول ترتيب الدوري أن تستغل استراتيجية التغيير بين الشوطين بشكل أفضل. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تلعب أمام مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد أو أمام آرسنال على ملعب الإمارات وأنت غير قادر على الاستحواذ على الكرة تماماً، ويقوم الفريق المنافس بنقل الكرة من اليسار إلى اليمين، ومن الأمام للخلف، وأنت مضطر إلى التراجع للخلف واللعب بشكل متكتل للغاية، فهل يهم حقاً من يلعب في مركز الظهير الأيمن، على سبيل المثال؟ فأنت في هذه الحالة تكون بحاجة ماسة إلى ضخ دماء جديدة وإضافة طاقة جديدة للفريق، أليس كذلك؟ أليس من الأفضل أن يكون لديك لاعب يتمتع بأقصى قدر من التركيز بدلاً من أن يكون لديك لاعب يجيد الاستحواذ على الكرة؟
تشير الإحصائيات إلى أن نوتنغهام فورست ضغط لاستخلاص الكرة 160 مرة أكثر مما فعله ليفربول خلال المباراة التي جمعت الفريقين الأسبوع الماضي، لكن اللقاء انتهى بفوز ليفربول بثلاثية نظيفة على ملعب آنفيلد، وهي المباراة التي انتهت باستحواذ أصحاب الأرض على الكرة بنسبة 72.6 في المائة. في الحقيقة، يُعد نوتنغهام فورست مثالاً مثيراً للاهتمام للفريق الذي يختار تشكيلته لهذا الغرض. من الواضح أن المدير الفني لنوتنغهام فورست، ستيف كوبر، يريد خيارات مختلفة، كما أنه على استعداد لاتباع سياسة «التناوب» بين اللاعبين بشكل منتظم حتى يضخ دماء جديدة في صفوف الفريق باستمرار.
إننا نرى المزيد من هذا يحدث بالفعل بعيداً عن الدوري الإنجليزي الممتاز. وخلال الموسم الحالي، اتبعت الفرق الإنجليزية في البطولات الأوروبية سياسة «التناوب» بين اللاعبين وأجرت العديد من التغييرات، بغض النظر عن النتيجة. لقد خططت هذه الأندية لإجراء تغييرات كجزء من نهجها طويل المدى للتغلب على الإرهاق وضغط المباريات.
وتجب الإشارة هنا إلى أن لعبة كرة القدم تتمحور غالباً على كيفية التفوق في الدقائق الخمس التالية – أجزاء زمنية صغيرة، مثل التفكير في إفساد الهجمة التالية، أو بناء هجمة جديدة، وهكذا. إننا ما زلنا متمسكين بهوية الشوطين اللذين يصل مدة كل منهما إلى 45 دقيقة، لكن هل من السخافة حقاً أن نتخيل نهجاً مختلفاً تماماً من اللاعبين في كل شوط من الشوطين؟ وهل يمكن أن يتغير شكل اللعبة في المستقبل لتكون المباراة عبارة عن ثلاثة أشواط مدة كل منها 30 دقيقة؟ بالطبع قد يقلل ذلك من بعض المخاوف من تعرض اللاعبين للإرهاق. ستقول وجهة النظر المضادة أن هذه الفكرة سوف تؤثر على مفهوم المنافسة – لكن الحقيقة أن هذا لا يمثل أي مشكلة في الرياضات الجماعية الأخرى حول العالم.
ويظل لاعبو كرة القدم محوريين في أي تحول ثقافي. ويظل مورينيو هو المثال الأكثر تطرفاً. لقد أصبح اللاعبون عبارة عن «سلعة هشة»، إن جاز التعبير، ويبدو أنهم ينظرون إلى تغييرهم في أي وقت قبل الدقيقة 89 على أنه شكل من أشكال النقد اللاشعوري أو التصور الوجودي بأنهم ليسوا جيدين بما يكفي. فكم مرة نرى عدسات التلفزيون وهي تركز على وجه اللاعب الذي يخرج مستبدلاً من المباراة وهو يهز رأسه لكي يقول للجميع في كل مكان إنه كان يجب أن يواصل اللعب؟
بشكل عام، هناك شعور في عالم كرة القدم بأن اللاعبين الذين يبدأون المباراة هم وحدهم من يحددون نتائجها، وليس من يشاركون في منتصفها أو نهايتها! إننا ننجذب ببطء نحو مفهوم إجراء ثلاثة تغييرات في منتصف الشوطين من أجل ضخ دماء جديدة في صفوف الفريق، وحتى لا يصاب اللاعبون بالإرهاق. ربما سننظر إلى ما فعله مورينيو أمام فولهام ونستنتج أنه كان مرة أخرى صاحب رؤية ثاقبة، وكان سابقاً لعصره! أو، كما كان الحال على الأرجح، كان غاضباً وقرر أن يفعل أي شيء غريب ومثير للجدل كعادته!
* «خدمة الغارديان»
موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال قرارات «الفار» تضع رابطة التحكيم الإنجليزية تحت ضغط جديد
اكتشاف المزيد من موقع كتاكيت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.