ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (المهاجرون اللبنانيون يعانون من غصة ودمعة )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.
كانت الإعلامية يمنى شرّي لا تزال فتاة صغيرة عندما دخلت الهجرة منزلها العائلي من بابه العريض. وقد ترك الأمر في أعماقها غصّة بعد أن هاجر إخوتها تاركين لبنان باكراً، وافتقدت حضورهم في عائلتها؛ وأدركت بعدها أنه في كل منزل لبناني مهاجر ترك وطنه ليلحق بحلمه الذي لم يعد من المجدي حتى التفكير به في البلد الأم.
واليوم صارت تنتمي بدورها إلى الجاليات اللبنانية الموجودة في الخارج، في كندا تحديداً، وقرار انتقالها هذا اتخذته إثر حادث كاد يودي بحياتها. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «كان ذلك في عام 2021 عندما سقطت عن سلالم العمارة حيث كنت أسكن، أصبت يومها بارتجاج في الدماغ وبتعقيدات صحية أخرى. وانطلاقاً من هذا الأمر، سافرت من بيروت إلى كندا عند إخوتي لأكمل علاجي وآخذ فرصة استراحة من أزمات متلاحقة أصابت لبنان. هي خطوة لم أقرّرها عن سابق تصميم بل جاءت طبيعية عندما طالت إقامتي في كندا».
تشكل يُمنى اليوم جسراً بين عالم الاغتراب ولبنان. وتطلّ صباح كل سبت عبر شاشة «الجديد» لتنقل أخبار المغتربين. وضمن فقرة أسبوعية تحمل عنوان «A la Youmna»، تقف على مستجدات سياسية واجتماعية وفنية تحدث في كندا، فتُثلج قلوب اللبنانيين المغتربين عندما تتحدث باسمهم. وفي المقابل تحرّك هذا الحنين الحاضر بينهم وبين أهلهم في لبنان.
يُمنى التي اشتهرت بإطلالاتها التلفزيونية المحببة إلى قلوب اللبنانيين تتمسك بهويتها هذه. فخروجها عن المألوف والكلاسيكية بوصفها مذيعة شكّلا تميزها. فالمحتوى الإعلامي الجميل الذي تقدمه يقابله تنسيق مشابه بشكلها الخارجي، فتبهج العين وتحاكي القلب بإطلالة تحمل طاقة إيجابية. وتعلّق في سياق حديثها: «سعيدة بما أقوم به، ولو كان خجولاً مقارنة بإنتاجات لبنانية ضخمة سبق وأحاطتني في بلدي. وهذه الإيجابية التي ذكرتها لا تزال ترافقني حتى الساعة، وقد ساعدتني على التخطيط والتنفيذ في بلاد الاغتراب. لا شك أني اشتقت لتفاصيل حياة يومية كنت أعيشها في لبنان، وإلى بيتي وأصدقائي والأقارب. ولكنني تأقلمت، لا سيما أن إقامتي هنا فتحت أمامي آفاقاً واسعة استفدت منها».
تحضّر يُمنى لمشروع جديد لم تشأ الإفصاح عن تفاصيله إذ تتركها إلى حين نضوجها. ففي بلاد الاغتراب، هناك الكثير لقوله والتحدث عنه، وخطوتها الجديدة تدور في هذا السياق.
تقول إن كثيرين يعتقدون أن اللبناني المغترب يعيش حياة مريحة، وإنه يقطف رزقه من الدولارات عن الأشجار. وتوضح: «هو اعتقاد مبالغ فيه وليس صحيحاً بتاتاً. فهم أيضاً يعانون كل على طريقته، وليس هناك من مغترب لا غصة في قلبه ودمعة في عينه. والأسوأ هو أنه لا يزال هناك لبنانيون بالمئات يفكرون بالهجرة؛ لأن الأوضاع في بلادنا تتراجع. فمن خلال احتكاكي مع الجاليات العربية أملك فكرة واضحة عن هذا الأمر. فلا أحد يشعر بالقهر والحنين على قدر اللبناني المغترب. لا شك أن هناك من تجاوز مشاعر الفراق لبلده الأم. ولكن الغالبية عندما تفكر بواقعها تدرك أنها غادرت أحد أجمل البلدان في العالم. فلبنان لا ينقصه سوى سنّ القوانين وتطبيقها كي يعيش بسلام. وأنا شخصياً، استغرقت وقتاً طويلاً لأتمكّن من تحويل مشاعري هذه إلى ما يزودني بالقوة والصلابة. وأنا سعيدة جداً لأنني أتكلم بلسان المغترب وأعتز بذلك».
وعن رأيها بالساحة الإعلامية حالياً تقول لـ«الشرق الأوسط»: «تغيرت قواعد الإعلام برمتها واكتسحته السوشيال ميديا. ونحن نعيش عصر العولمة والانفتاح وأي شخص يمكنه أن يطلق منبره ويحكي عما يراوده. لا أحب الإعلامي الذي يركب الموجة ليستمر، فنراه مرة يقدم المحتوى السياسي وفي أخرى يقدم محتوى فنياً. فالإعلامي الناجح لا بدّ أن يكون صاحب هوية تميّزه عن غيره. ولا بدّ أن يكون ذلك جلياً إن في المحتوى الذي يقدمه أو حتى في شكله الخارجي وصوته وطريقة إلقائه».
وتشرّح يمنى وضع الإعلام المرئي متذكرة أهم حقباته: «لقد تميّز في فترة ماضية بالأفكار المبدعة والمبتكرة. ومن ثمّ دخل الإعلام العربي ككل موجة (كل شيء فرنجي برنجي). وراح ينقل فورمات أجنبية ويصنع منها نسخات عربية. ووصل بعدها إلى مرحلة التقليد. فصارت الشاشة تعمل على تقليد المنتج المقلد وكأنه ينسخ ما سبق ونسخه. وبذلك غاب التميز تماماً، وبات الإعلام المرئي فارغاً من أي جديد».
تملك يمنى من تجارب متراكمة ما يجعلها إعلامية من الطراز الرفيع، الذي يتميّز به جيل مخضرم. وفي كندا استطاعت أن تُبرز قدراتها وتدخل مجال الإعلام الذي ترغب به. «لطالما شكلت هذه المهنة شغفي وهي الوحيدة التي أعرفها. ودائماً رأيت مجالي في الفنون والثقافة، هما صاحبا لغة التغيير على الساحة، ومجالان نظيفان ويزودانا بالفرح والرّقي. أعد نفسي ملتزمة بهذه الطريقة وهذه الفنون. إنهما متنفسي الوحيد ويجمعا حولهما الناس من جميع الشرائح والأطياف الاجتماعية».
لمست يمنى في حفلات أحياها فنانون لبنانيون منهم وائل كفوري، ونجوى كرم، وجورج وسوف في كندا، عطش الناس لوجه إعلامي لبناني، كما فرحت بردود فعل جميع الفنانين وبينهم جورج وسوف، الذي أبدى سعادة كبيرة عند رؤيته لها في بلاد الاغتراب، وكأنه اشتم رائحة لبنان عن قرب. وتختم: «إنه الوفاء الحقيقي لإعلام أثّر في ذاكرتهم. فالمغتربون مثل الفنانين يستقبلونني بحفاوة، ويمطرونني بعبارات الشوق والمحبة. نجلس سوياً ونتذكر حقبة لبنان الذهبية في الإعلام المرئي. لقد كنت محظوظة لانتمائي لفريق إعلامي مبتكر في تلفزيون (المستقبل) يومها. فهو كان السّباق في كل شيء ولحقت به باقي المحطات. يمكنني القول إن للقاءات الغربة نكهتها الخاصة وتذكّرني بقول مأثور عندنا (الدنيا شو صغيرة)».
موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال المهاجرون اللبنانيون يعانون من غصة ودمعة
اكتشاف المزيد من موقع كتاكيت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.