لماذا حقق «الحريفة» قفزة لافتة في إيرادات السينما بمصر؟

ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (لماذا حقق «الحريفة» قفزة لافتة في إيرادات السينما بمصر؟ )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.

في استوديو راشد الشعشعي بحي جاكس في الرياض يجلس الفنان مع مجموعة من المتدربات، يستمع باهتمام لحديثهن عن تجاربهن الفنية، يعلق في بعض الأحيان، يختار الاستماع أكثر من الكلام. في تعليق على سؤال لإحدى المشاركات عن استخدام المواد المختلفة في الأعمال الفنية، يقول: «واحدة من أهم العناصر في ممارسة الفن هي الخامة. هي الوسيط الذي ينقل ما نريد قوله للمتفرج، وكلما زادت الخبرة والممارسة أمكنك اختيار الوسيط المناسب».

يبدو الحديث عن الخامات مناسباً للبدء في حوار مع الشعشعي، الذي اشتهر بأعماله التركيبية التي تستخدم مفردات من الحياة اليومية للتعبير عن قضايا مهمة، فعرف باستخدام التشكيلات الضخمة، بعضها مستمد من أشكال الأقواس الإسلامية، ومن السجاد الشرقي وفناجين القهوة السعودية، وفي السنوات الأخيرة درج على استخدام السلال البلاستيكية وأقفاص الفواكه المصنوعة من الجريد لتكوين أعمال تركيبية ضخمة.

تحدث الشعشعي مع «الشرق الأوسط» عن أسلوبه الفني وما يشغله من مواضيع وافتتانه بالضوء. الحديث يعود به لطفولته وحياته في القرية وتأثير ذلك على أعماله، وهو ما يؤكد عليه خلال حديثه: «جزء كبير من أعمالي فيها عودة للطفولة».

عمل «أبواب الجنة» (إنستغرام الفنان)

بمناسبة مشاركته الأخيرة في احتفالية «نور الرياض» أتحدث معه عن السمة الغالبة على أعماله، وأسأله إن كان يعد أسلوبه الخاص «بصمته الفنية»، يرد قائلاً، إن كل فنان يعتمد أسلوباً معيناً يستمده من تراكم خبراته ومعارفه، وكل فنان يجد أسلوبه الخاص مع تراكم الأعمال، ويصبح عنده «مسيرة ولغة خاصة»، على العكس من الفنان المبتدئ الذي يتنقل من أسلوب لآخر. يتوقف هنا ويطرح نقطة راودته كثيراً: «دائماً أتساءل: هل هذا الشيء صحي للممارسة الفنية أو غير صحي؟ لأنه في اعتقادي الشخصي أن الفنان المعاصر صاحب قضية يؤمن بها، ويشتغل عليها، ويطوع الخامات والتقنيات لخدمتها أولاً، وليس لخدمة الشكل البصري».

هل يعني بكلامه أنه من الممكن أن يتخلى عن أسلوبه المميز إذا كانت هناك فكرة جديدة؟

يقول: «إذا كانت رغبتي في خلق دهشة بصرية لا تخدم الفكرة فأرى أن ذلك يمثل عجزاً، حتى لو كان الشكل البصري مدهشاً». التكامل بين الفكرة والشكل البصري من أولوياته، ولا يغلب الاهتمام بالإدهاش البصري، على حد تعبيره.

الحديث يأخذنا للمواد التي يستخدمها الفنان في أعماله من السلال البلاستيكية وصناديق الفاكهة الفارغة إلى الجريد وقطع السجاد، يقول شارحاً وجهة نظره: «من خصائص الفن المعاصر استخدامه لوسائل فنية متنوعة جداً، أنا أميل لاستخدام الخامة لنقل حالة رمزية… على سبيل المثال عندما استخدمت السجاد كنت أرمز للدول الإسلامية، استخدمت فناجين القهوة كرمز للثقافة السعودية، وعندما استخدمت خامة الجريد كنت أتكلم عن الحرفة والصناعة المحلية في السعودية».

من الأعمال التي استخدم فيها الجريد تلك التي نفذها في مدينة العلا وسماها «الثريا»، يقول شارحاً عمله: «العمل نفذته ضمن برنامج إقامة فنية في العلا عنوانه (إحياء الواحة) صنعت ثريا ضخمة جداً». يربط اختياره للثريا بارتباطها بالحياة الاجتماعية المحلية «الثريا في الجزيرة العربية هي مجموعة من النجوم ساعدت أهل الجزيرة العربية على تنمية زراعتهم، هذه الحكايات أخذتها من جدي وأنا صغير. وفي العمل أردت أن أخلق لغة حوار مع النجوم عبر بركة مائية وضعتها أسفل مجسم الثريا، وكأنها لغة خطاب بين الثريا التي خلقتها والنجوم الحقيقية، ولكنها لغة مصنوعة من جريد النخيل، وكأنه رد فضل لهذه الثريا التي ساعدت النخيل في النمو».

أشجار النخيل والثريا في العلا experiencealula

من الجريد لخامات أخرى متداولة استخدمها في كثير من أعماله خاصة سلسلة «براند» التي عرض عملاً منها في احتفالية «نور الرياض». استخدم الشعشعي في العمل سلال الفواكه المستخدمة في السوبر ماركت والملصقات الإعلانية التجارية. يتجه الحديث لهذه الخامات، ويبدأ حديثه عنها بالعودة لذكريات الطفولة.

«أنا ولدت في قرية أغلب أهلها مزارعون، جيل والدي بدأ الخروج من المجال ليعمل في التدريس، وإن كان يمارس الزراعة أيضاً. والدي وإخوانه، كانوا كلهم في سلك التعليم، يمارسون التعليم في النهار وجزءاً من الزراعة في الليل، أنا عاونت والدي وجدي في الزراعة، كنت أقطف الفواكه والخضر، وأحملها لبيعها في السوق. جزء كبير من أعمالي الفنية فيه عودة للطفولة».

الناظر لأعمال الشعشعي وتحديداً في سلسلة «براند» لا يلاحظ للوهلة الأولى مكونات العمل، يركب أشكالاً بصرية جميلة جداً من الأشكال الهندسية المتقاطعة بخلفية ملونة مضاءة، الضوء يلعب دوراً كبيراً في جذب المشاهد، ولكن بالاقتراب من العمل تدريجياً تتضح العناصر المختلفة، تبدأ من شكل هندسي بديع لنرى تدريجياً أن الأشكال الهندسية مركبة باستخدام السلات البلاستيكية والصناديق، أما الخلفية فهي ملصقات إعلانية لمواد غذائية مختلفة.

نبدأ بالضوء الذي استخدمه على نحو ماهر… يعود بالذاكرة لطفولته قائلاً: «جزء من خلواتي الشخصية، وأنا صغير، كنت أستلقي تحت شجرة، وأراها تتحرك مع الريح فتنحت الضوء الخارج من الشمس والقادم إلى عيني، كنت أرى هذه الأشكال التي تتغير، وكلما غيرت مكاني كانت الأشكال تختلف فكنت أتأمل هذا الموضوع بكثافة… مثلاً سلسلة (براند)، وسلسلة (أبواب الجنة) فيهما إضاءة من الخلف، كنت أقوم بفلترة هذا الضوء وإضافة الألوان له أو نحته بإزالة بعض الأجزاء».

يضرب مثلاً بعمله الأخير «براند 16» الذي عرض ضمن «نور الرياض»: «هو أحد أعمال سلسلة (براند) التي تتحدث عن إعلاء قيمة الإنسان أمام المنتجات الاستهلاكية، فالصندوق البلاستيكي الذي أستخدمه في العمل هو أصغر قيمة، هذا الصندوق الذي يضعون فيه الفواكه في أثناء نقلها ثم يرْمَى بعد ذلك، هو أصغر رمز لأشياء استهلاكية يومية في حياة الإنسان. أستخدم هذه الصناديق مرشحات للضوء القادم من خلف العمل الفني، إضافة إلى استخدام نص مطبوع مأخوذ من سلع استهلاكية».

«براند 16» (إنستغرام الفنان)

التأثير الذي يحدثه ذلك التركيب يرى أنه «يشبه الزجاج المعشق في دور العبادة».

ماذا عن العمل باستخدام الضوء؟ يقول: «أنا شخصياً أرى النور بمعنى الجلاء والوضوح، هو التنوير هو الحقيقة، هو الشيء الواضح. بينما الظلام لا نرى فيه شيئاً، كلما زاد الإنسان علماً ومعرفة، قضى على الظلام والظلم، أحس أن الضوء عادل، إلهي وروحاني، هدف، ليس هناك شخص يتمنى الذهاب لمنطقة مظلمة، أن يصير جاهلاً بعد علم».

أعماله معقدة التركيب، وتعتمد على الطبقات المختلفة، وهو ما يعده من «خصائص» فنه، يضيف: «دائماً في أعمالي هناك المعنى وما بعد المعنى، الفكرة وما بعد الفكرة؛ لأنني أشعر أن حالة البناء للكون كله مبنية على طبقات وطبقات مثل جسم الإنسان، هذه الطبقات توصل مضامين لمختلف الفئات».

الهرم الرابع في الجيزة (إنستغرام الفنان)

أسأله عن الأشكال التي يستخدمها؛ مثل الأقواس الإسلامية الطابع، والأهرامات التي عرضها في «ديزرت إكس العلا» وفي «آرت دي إيجيبت»، يعرج بالحديث لناحية فلسفية وتاريخية: «أعمالي الفنية تسبر العقل الجمعي، كيف تفكر المجتمعات، وفي مرحلة سابقة (الصحوة وما بعدها) كان الأثر الديني واضحاً، وكانت اللغة الفنية تلجأ إلى ذلك لتصل للناس. الآن نحن في مرحلة الإعمار والبناء في السعودية والعالم العربي، فالهرم بالنسبة إليّ حالة بناء إنساني، أنا أعتقد شخصياً أنه من أهم ما بناه وطوره الإنسان في حياته».

ويعدد الأهرامات: «بنيتُ الهرم الرابع في الجيزة، وكان الهرم الأول في العلا، والثاني في دبي، والثالث كان في الصين… وكل هرم كان يناقش فكرة معينة، ولكن كل الأهرام كانت تناقش الصراع من أجل البقاء والحصول على المنتجات وقيمة المنتجات، والإدارة المالية في المجتمعات في الكون وحياة الإنسان اليوم، وفي المستقبل».


موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال لماذا حقق «الحريفة» قفزة لافتة في إيرادات السينما بمصر؟


اكتشاف المزيد من موقع كتاكيت

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.