ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (إسرائيل حشرت نفسها في زاوية الاضطرار لاجتياح قطاع غزة )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.
بعد أن قررت الحكومة الإسرائيلية تجنيد هذه الكمية الهائلة من جيش الاحتياط، 300 ألف جندي يشكّلون نحو 70 في المائة، ثلثاهم على الحدود مع قطاع غزة، وأعلنت أنها لن تفاوض على تبادل أسرى، وحددت أهداف الحرب بالقضاء على قدرات الحكم والقوة العسكرية لحركة «حماس»، تكون قد حشرت نفسها في زاوية ضيقة لا مجال كبيراً لديها للمناورة، ولا مفر فيها من تنفيذ عملية اجتياح بري.
من الناحية العسكرية الاستراتيجية لا توجد حاجة حقيقية إلى الاجتياح، فالحكومة لم تقرر إسقاط حكم «حماس»، والغارات التي تنفذها إسرائيل تُحدث دماراً لم يسبق أن تم مثيل له سوى في الحرب العالمية الثانية، فهي تدمّر العمارات والأبراج الواحد تلو الآخر، من دون أن يكون لديها أي إثبات على أن «حماس» تستخدمها، إذ دمرت نحو ألفيْ منزل، غالبيتها ليست تابعة لـ«حماس»، وحطّمت البنية التحتية ومفاعل كل من الماء والكهرباء، وتدير عمليات تهدف إلى تجويع وتعطيش وترويع، ليس فقط 20 ألف عنصر من «حماس»، بل أكثر من مليوني إنسان، يعانون الأمرّيْن أصلاً قبل الحرب، وتضاعفت مآسيهم عشرات المرات بسبب الدمار.
فإذا كانت تقصد منها «إشفاء الغليل»، وإشباع غريزتي الثأر والانتقام، يُفترض أن هدفها تحقّق. وإذا كانت تقصد تأليب الناس على «حماس» والقول إن حكمها هو الذي جلب الدمار عليهم، فإنها تحقق شيئاً مقلوباً.
سكان قطاع غزة منقسمون على أنفسهم إزاء حكم «حماس»، وهناك مؤيدون لها بشكل أعمى، وهناك معارضون لها بشكل أعمى. ولكن هناك أيضاً مجموعات ضخمة يتخذون مواقفهم منها بصورة موضوعية. فعندما تفعل شيئاً إيجابيّاً يمتدحونها، وعندما تفعل شيئاً سلبيّاً ينتقدونها.
الحصار يؤلّب الفلسطينيين
إلا أن سياسة الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة طيلة 17 عاماً، وما يراه أهل غزة من ممارسات إسرائيلية عنيفة ومتغطرسة ضد أبنائهم الأسرى في السجون، لإرضاء وزير أهوج مثل إيتمار بن غفير، وما يشاهدونه من اعتداءات على المسجد الأقصى ومن توسيع للاستيطان ومن اعتداءات للمستوطنين، يجعلهم غاضبين ويفتشون عن أي جهة تنتقم لهم من إسرائيل. ولهذا التفّ الفلسطينيون حول «حماس» في هجومها على المواقع الإسرائيلية.
هذا لا يعني أن الفلسطينيين راضون عن الأعمال المزعجة التي رافقت هجوم «حماس» الناجح، فالفلسطينيون الذين يتصدون للممارسات الإسرائيلية ضدهم، التي تشمل قتل واعتقال نساء وأطفال ومسنين، لا يرغبون أن تُنسب لهم ممارسات شبيهة، والشبكات الاجتماعية مليئة بأشرطة وتغريدات تستنكر قيام المهاجمين من شباب «حماس» بقتل عائلة بأكملها، أو تنكّل بمدنيين عاجزين وتقتل شباناً يرقصون في حفل، ويقولون إننا يجب أن نلتزم بأخلاقنا ولا نسمح للعدو بتشويهها.
ولكن غارات التدمير الإسرائيلية تثير موجة غضب أشد، فإذا كان عدد ضحايا ممارسات «حماس» بلغ بضع عشرات الألوف من المشردين، وألف قتيل، وألفي جريح، فإن عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية يزيد على مليوني شخص. ومئات الألوف منهم اضطروا إلى مغادرة بيوتهم في منتصف الليل، من دون إعطائهم فرصة تبديل ملابس النوم، ليشاهدوا بعيونهم البيت الذي كلّفهم شقاء العمر ينهار على ما فيه بفعل قذيفة أو صاروخ.
لقد وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن يتذكر الفلسطينيون، لأجيال، ما سيفعله بهم. أجل صحيح، هذا القصف بهذه الطريقة العمياء يجعل الفلسطينيين يخلّدون في الذاكرة إلى أجيال ما تذكره البشرية كلها من التاريخ، عن موبقات الزعماء، من هولاكو فصاعداً. وإذا كان ما سيحققه في هذا الأمر فهو عاصفة من الكراهية لإسرائيل، وتحوّل الأجيال الجديدة التي تبدي استعداداً للتضحية بكل شيء لمحاربة إسرائيل.
لذلك فإن اجتياحاً لقطاع غزة لن يكون نزهة، وإنما سيكون محفوفاً بمخاطر كبيرة. ولن تواجه إسرائيل به رجال «حماس» و«الجهاد»، وإنما ستواجه كل الفلسطينيين، كلٌّ بطريقته وإمكاناته.
تقديرات مشوشة
قد تبني إسرائيل تقديراتها على أن «حماس» لا تقول الحقيقة عندما تقول إنها توقعت اجتياحاً كهذا، وهي جاهزة لمفاجأة العدو وتهدد بـ«جعل غزة مقبرة لجنودها»، وأن «حماس» تنفخ قدراتها كما فعل الزعماء العرب عشية حرب 1967.
ولكن، يمكن أن يكون الأمر عكسيّاً. فلا أحد توقع أن تستطيع «حماس» القيام بعملية عسكرية ناجحة في الهجوم على إسرائيل واحتلال 22 بلدة و11 ثكنة عسكرية في بضع ساعات. فقد تكون «حماس» جاهزة فعلاً ومدرَّبة على عمليات حربية لمواجهة احتلال جديد بطرق مهنية. والجيش الإسرائيلي يعرف أن لدى «حماس» أسلحة حديثة وذات تقنية عالية. لهذا فإن الاجتياح سيكون مغامرة، بل ربما مقامرة.
أهداف معلنة للرد الإسرائيلي
ومع ذلك، فإن الأهداف المعلنة للرد الإسرائيلي على «حماس» باتت مُلزمة، والتراجع عنها يحتاج إلى قادة متميزين بالشجاعة، ومصارحة الشعب وتغليب المصلحة الوطنية العليا، وهؤلاء نادرون اليوم في إسرائيل.
وإن كان لهم أن يشاركوا في صنع القرار فإنهم سيسعون لتقليص حجم الاجتياح، وجعله جزئيّاً وبالتدريج، فيتقدمون على مناطق مفتوحة أو على أطراف البلدات ويفحصون، فإذا وجدوا هناك مقاومة حقيقية وأدركوا أن الثمن سيكون باهظاً يتوقفون، ويركزون الجهد على الاغتيالات أو على عمليات كوماندوز لاعتقال أحد قادة «حماس» أو أكثر. وإذا وجدوا تهديدات «حماس» فارغة المضمون فإنهم يتقدمون ويتقدمون ويعيدون احتلال مقاطع أكبر، فيصيبهم ما يصيبهم في الضفة الغربية.
ففي كل الأحوال، الحرب مع غزة لن تعود بفائدة؛ لا على إسرائيل ولا على الفلسطينيين، ووقفها عند هذا الحد، مع التوجه لصفقة تبادل أسرى، سيكون أفضل للجميع.
موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال إسرائيل حشرت نفسها في زاوية الاضطرار لاجتياح قطاع غزة
اكتشاف المزيد من موقع كتاكيت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.