30 فناناً عالمياً وسعودياً يبدأون رحلة إبداعية لتحريك الأبعاد في نحت الحجارة

يثور غبار أبيض شفيف يغطي فضاء المكان، يصدر عن عمل دؤوب على قطع من حجر الجرانيت، يتولاه 30 فناناً يتوزعون على مساحة واسعة ومفتوحة، يتناولون أزاميل النحت وأدوات لقص كتل ضخمة من حجر الجرانيت العنيد، ليبدأوا مهمة فذّة لتحويلها إلى قطع ملهمة، تطبع في ذهن ووجدان المتأمل أفكاراً ومشاعر لا نهائية في تأثيرها.

وبخبرات واسعة وتجارب متعددة، بدأ المشاركون في ملتقى طويق للنحت 2024 رحلتهم الإبداعية لصناعة 30 منحوتة فنية تلتقي حول موضوع النسخة الجديدة «أبعاد متحركة»، وتنهل منه تجارب الفنانين في إبداع منحوتاتهم بين «كسر الحدود» وابتكار «المسار» و«رقصة الحجر» و«انعكاس الطبيعة»، وغيرها من العناوين التي اختارها الفنانون اسماً لأعمالهم المرتقبة.

ومن بين عدد الطلبات المقدمة حول العالم، للمشاركة في النسخة الجديدة من ملتقى طويق للنحت، وقع الاختيار على 30 فناناً من السعودية ودول مختلفة من حول العالم، لتولي المهمة الفنية والإبداعية، وتحويل كتل الحجر الصامت إلى قطع فريدة تنبض بروح الإبداع تتألق في تفاصيلها الأفكار التي يبتكرها المشاركون.

في محيط كل فنان كتل من حجارة الجرانيت الصلبة والعنيدة، التي يتطلب التعامل معها مجهوداً كبيراً من الطاقة، ورؤية ملهمة لكسر بلوراته، وتشكيلها في صورة مبتكرة وجديدة، قبل أن تجد طريقها لتزيين الساحات والميادين العامة في مختلف المدن السعودية، إذ يؤثر ملتقى طويق في كل نسخة، ليضفي مسحة من الجمال على المشهد البصري العام بنتائج أعمال كل نسخة من الملتقى الدولي للنحت.

قطع فنية تزيّن أنحاء السعودية

وانطلقت يوم الأحد، فعاليات ملتقى طويق للنحت في نسخته الخامسة، وتستمر حتى نهاية فبراير (شباط) المقبل، تحت شعار «أبعاد متحركة»، بمشاركة فنانين من مختلف دول العالم في مقدمتهم المواهب الوطنية، لصناعة منحوتات فنية عامة باستخدام أحجار من المملكة لـتكون جزءاً من المشهد الفني والثقافي للعاصمة السعودية؛ حيث سيتم عرض جميع المنحوتات والأعمال الفنية التي تنفّذ في الملتقى، بصورة دائمة في الساحات والميادين العامة في أرجاء المدينة.

وقال المهندس خالد الهزاني، المدير التنفيذي لبرنامج الرياض آرت، إن 20 فناناً قدموا من مختلف أرجاء العالم، يتشاركون مع 10 فنانين سعوديين في مهمة فنية وابتكارية لملتقى طويق، تتوفر لهم من خلالها فرصة الاحتكاك والتثاقف الفني والإبداعي وتبادل الخبرات، بما يثري الحركة الفنية السعودية ويحقق هدفاً لتحويل الرياض إلى وجهة عالمية مهمة للفنانين والمبدعين من دول العالم في مختلف المجالات.

من جهتها، عبرت سارة الرويتع مديرة ملتقى طويق للنحت، عن سرورها بانضمام 30 نحاتاً من 20 دولة حول العالم، تم اختيارهم بعناية من قبل لجنة تحكيم مختصة، تعاملت مع أكثر من 650 طلباً للمشاركة، وأضافت: «يوجد هؤلاء اليوم للبدء في أعمال النحت والإبداع، وتحويل أحجار من البيئة المحلية إلى قطع فنية تتزين بها أنحاء السعودية، بالإضافة إلى المشاركة في العديد من ورشات العمل التفاعلية والجلسات الحوارية التي يقيمها الفنانون، تتيح للزوار فرصة للتعرف على الفن العام في السعودية وفن النحت والتحاور مع الفنانين».

منصة ثقافية مجتمعية

ويشتمل «طويق للنحت 2024» على برنامج للشراكة المجتمعية، ويهدف إلى توفير منصة ثقافية مجتمعية للتبادل الثقافي والفني وذلك من خلال أكثر من 50 جلسة حوارية وورشة عمل و20 زيارة تعليمية تُقام في مناطق متعددة من مدينة الرياض، بالتزامن مع انطلاق فعاليات الملتقى.

ويشكل «ملتقى طويق للنحت» أحد مشروعات برنامج «الرياض آرت»، أحد مشروعات الرياض الكبرى، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في مارس (آذار) 2019، بهدف تحويل مدينة الرياض إلى معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وفي إطار رؤية لتمكين الفنون والمجتمعات الإبداعية السعودية.

كما يُعد «‫الرياض آرت» ضمن أكبر مشروعات فن الأماكن العامة على مستوى العالم، ويُسهم في تعزيز القيم المجتمعية، والتفاعل الحضري، والتبادل المعرفي، والتعاون الإبداعي، وتحفيز الحركة السياحية والترفيهية، وقد نجح في إنجاز 10 مشروعات رئيسية وحصد 8 جوائز عالمية، وإتمام أكثر من ألف عمل فني، ويعد ملتقى طويق للنحت واحداً من حدثين سنويين يعنيان بالفنون، أما الآخر فهو احتفال نور الرياض الذي حقق أرقاماً قياسية في نسخته الثالثة التي نظمت مؤخراً، وحولت العاصمة السعودية إلى لوحة إبداعية متألقة بالضوء، بما يعزز مكانتها على خريطة الإبداع العالمي.