ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (مصادر تتحدث عن اعتقال وزير الدفاع السابق في بنغازي )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.
«الشرق الأوسط» في المناطق المنكوبة بعد شهر من زلزال «الأطلس الكبير» بالمغرب
بعد مرور شهر على «زلزال الأطلس الكبير»، الذي ضرب المغرب، ليلة الجمعة – السبت 8 و 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، وخلَّف خسائر بشرية ومادية فادحة، تبدو العودة إلى المناطق الأكثر تضرراً من الفاجعة أشبه بمحاولة إلقاء نظرة على جرح لم يندمل بشكل كامل… وبعد الاهتمام العالمي والمتابعات الإعلامية الواسعة لهذه الكارثة الطبيعية، لم يكن للذاكرة الفردية والجماعية للمغاربة وغيرهم، إلا أن تحفظ أسماء قرى ودواوير (كفور) تضررت أكثر من غيرها بالزلزال، وخصوصاً «أمزميز» و«مولاي إبراهيم» و«أسني» و«وريغان» و«إجوكاك» و«تلات نيعقوب» و«تنمل»، وغيرها من القرى والدواوير المحيطة بها في إقليم الحوز.
وحين يتعلق الأمر بزلزال مدمر، لا يكفي شهر واحد لتجاوز صدمة الساعات الأولى، خصوصاً بالنسبة لمن عانى ويلات الكارثة، في الوقت الذي ترك سيل التقارير والصور والمشاهد المتداولة، التي أظهرت قوة الهزة الأرضية التي ضربت أقاليم مراكش والحوز وشيشاوة وأزيلال وتارودانت، وشعر بها المغاربة في محيط يتعدى 400 كيلومتر، انطلاقاً من بؤرته في بلدة «إيغيل» وما جاورها، شعوراً بالحزن في النفوس.
زيارة أكثر المناطق تضرراً بفعل الزلزال، انطلاقاً من مراكش، لا يمكن إلا أن تتولد عنها مشاعر، تجمع بين الأسى والمواساة والتعاطف والتضامن. وصولاً إلى تحناوت، ومنها مباشرة، تنتشر خيام، أكثرها باللونين الأصفر والأزرق، وضعتها السلطات رهن إشارة من دُمرت منازلهم، ضمن عدد من الإجراءات المهمة والنوعية، التي أظهرت قدرة السلطات المغربية على التعامل السريع والجيد مع الأزمات. المسافة الفاصلة بين مراكش و«تلات نيعقوب»، تبلغ 100 كيلومتر، وتتطلب أكثر من ساعتين ونصف ساعة بالسيارة، وتمر عبر عدد كبير من القرى والدواوير والتجمعات السكنية المتناثرة وسط مرتفعات إقليم الحوز.
في «أسني»، ينقل مشهد مجموعات متفرقة من التلاميذ، وهم في طريق العودة من المخيم الدراسي إلى منازلهم، الإصرار على تجاوز المحنة. على بعد خطوات من الثانوية الإعدادية «الأطلس الكبير»، التي أغلقت أبوابها مكرهة، وفي ساحة قريبة من «دوار لعرب»، تعم حركة لافتة للانتباه.
وفي الفضاء الذي يحتضن المستشفى العسكري. وبالقرب منه، كان هناك صغار في غاية الفرح، بعد أن استعادوا متعة اللعب في كيان ترفيهي تم وضعه رهن إشارتهم، اعتباراً لوضعيتهم النفسية، بعد الكارثة الطبيعية التي ضربت المنطقة.
مباشرة بعد مغادرة «أسني»، تصير الطريق أكثر وعورة وصعوبة… عند الوصول إلى «ويرغان» تبدو الأمور أصعب، فيما ترتفع كمية الدمار الذي ضرب البنايات. التجمعات السكنية المتناثرة على طول الطريق، تطغى عليها الألوان الزرقاء والصفراء والبيضاء والخضراء، الخاصة بالخيام التي تم نصبها لإيواء المتضررين. ومقارنة مع الأيام الأولى للزلزال، يبدو أن جهود السلطات في تيسير التنقل وفك العزلة عن البلدات المتضررة قد أثمرت، بعد الانسيابية الملحوظة التي صارت على مستوى حركة السير بعدد من المناطق الوعرة في المرتفعات. السيارات التابعة للدولة أو الخاصة، أو تلك التابعة للجمعيات، المحملة بالمساعدات وغيرها، صوب المناطق المتضررة، لا تتوقف. للمغاربة قدرة عجيبة على تجاوز المآسي والتعامل معها. يتسلحون، في سبيل ذلك، بالصبر عند الملمات والتضامن مع بعضهم بعضاً، مع إيمان بأن المحنة يمكن أن تتحول إلى منحة، وأن بعد العسر يسراً. لذلك سارعوا إلى التضامن وتقديم المساعدة لمن هم في حاجة إليها من المتضررين، كما حمدوا الله كثيراً، وهللوا لعيون الماء والشلالات العديدة التي تفجرت في أكثر من مكان بالمناطق التي تضررت بفعل الزلزال.
في مكان يقال له «تلات النص»، وسمي كذلك لأنه يقع بين «أسني» و«تلات نيعقوب». قال رجل في الخمسينات من العمر، واسمه إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط»، إن عيون مياه كثيرة «خفف بها الله على الناس ضرر وأهوال الزلزال». وأضاف، أن المتضررين يعيشون في خيام، في انتظار أن تتحسن الأمور، بعد التدابير والإجراءات التي قررتها السلطات على مستوى الدعم وإعادة الإعمار وتنمية المناطق المتضررة. وشدد على أن الشهر المقبل «قد يكون صعباً على المتضررين في المرتفعات، بفعل برودة الطقس والتساقط المحتمل للثلوج»…. وغير بعيد عن نبع الماء بـ«تلات النص»، كانت هناك عين أخرى يتدفق منها الماء نحو مجرى نهر «نفيس» القريب، بالقرب من «واد إمزوغني».
أحد سكان المنطقة، وكان أوقف دراجته النارية ليرتاح من تعب الطريق، تحت ظل شجرة قريبة قبل مواصلة السير، قال لـ«الشرق الأوسط»، وعبارات الشكر والحمد لله تؤثث لحديثه، إن النهر الذي يخترق المنطقة، الذي كان قد جفَّ في وقت سابق، استعاد ذاكرة الماء بعد الزلزال.
على مدى الطريق تنتصب لافتات، تعرف بأسماء عدد من الدواوير بالمنطقة، من قبيل «إمكدال» و«تكرامين» و«توك الخير» و«أنادن» و«تاركة» و«الحناين» و«أوتغري». عند الوصول إلى «إجوكاك»، بدت الدورة الاقتصادية شبه محدودة. سألت «الشرق الأوسط» صاحب محل لبيع المواد الغذائية عن السبب، فأشار إلى مطعم مقابل، وكان مغلقاً، بفعل تأثره بالزلزال. ثم تساءل، بتعب نفسي ظاهر، كيف تفتح المحلات أبوابها وأغلبها مدمر أو به شقوق.
قريباً جداً من البؤرة الرئيسية للزلزال، كان الخراب الذي حل بقرية «تلات نيعقوب» أكبر من أن يمنع الحزن والأسى. هنا، وعلى عكس مناطق أخرى، أكثر البيوت منهارة أو سويت بالأرض… في بعض الأحياء، الباب وحده صمد في وجه الزلزال، فظل واقفاً كما لو أنه ينتظر أحداً ما، في الوقت الذي انهار باقي المنزل. والمنازل التي انهارت بفعل قوة الزلزال ما زالت كما كانت في أولى أيام الكارثة. ما زالت ترقد منهارة، مثل ملاكم سقط فاقداً وعيه، بعد ضربة مباغتة، قاضية من خصم شديد البأس. يمكن القول إن المنازل تركت لمصيرها، بعد أن انتقل أصحابها للعيش تحت الخيام.
لا يملك زائر «تلات نيعقوب»، بعد شهر من الزلزال، إلا أن يتأمل الخراب، الذي لا تحتاج مشاهده إلى تعليق. كل بناية نالت نصيبها من الدمار. والنتيجة بنايات غير صالحة للسكن. هناك منازل في وضعية ميلان. بعضها لم يقاوم الزلزال كثيراً، فتحول إلى ركام. أخرى بدت أشبه بحلوى ألفية داس عليها فيل غاضب. بالقرب من محطة البنزين، التي نالت نصيبها من الخراب وحافظت مع ذلك على خدمة توزيع المحروقات، كانت هناك سيدة، رفقة مجموعة من الشبان، بصدد الحفر وسط ركام بناية تحولت إلى خراب. قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنها تريد استعادة وثائق تخصها. قالت إن الخراب المنتشر يعمق المأساة النفسية للمتضررين وأهل المنطقة. «فقطـ لو يقوموا بعملية تشطيب لكل هذا الخراب. ذلك قد يساعد على نسيان الكارثة»، هكذا أضافت بحزن. بالقرب من المنزل المنهار، كانت هناك لافتة كتب عليها «منزل للبيع». قالت السيدة إن الإعلان وضعه مالك المنزل قبل أن يضرب الزلزال ضربته، ويزعزع الأرض والنفوس في أقل من 40 ثانية! وسط الخراب، يمكن التعرف بسهولة على طبيعة كل بناية مدمرة، وإن كانت منزلاً أو محلاً تجارياً، مثلاً. كانت هناك أفرشة وأوانٍ لم تعد صالحة للاستعمال. كما كانت هناك كراسي، يبدو أنها كانت توضع رهن إشارة زبائن مقهى أو مطعم. أما قوارير الغاز، من الحجمين الكبير والصغير، فتشير إلى أن الأمر يتعلق بمحل لبيع المواد الغذائية. كانت هناك، أيضاً، «مانيكانات» كانت تستعمل لعرض ملابس نسائية بغرض بيعها، داخل محلات تحولت بدورها إلى ركام.
غير بعيد عن محطة البنزين، في زقاق دمره الزلزال بالكامل، جلست سيدة فوق خراب بيتها، بينما كان شابان برفقتها، يستخرجان بعض الأغطية والأفرشة من تحت الركام. قال عبد العالي، أحد مرافقيها لـ«الشرق الأوسط»، إن جميع سكان الزقاق انتقلوا للعيش في الخيام. وأضاف أن من المستحيل أن يستعيد هذا الزقاق طبيعته الأولى.
عن شعوره بعد شهر من وقوع الزلزال، قال عبد العالي إن الصدمة كانت قوية، «وإن الناس لم يسترجعوا كامل وعيهم بما حدث، بفعل تأثرهم بالخسائر البشرية والمادية».
على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من «تلات نيعقوب»، في اتجاه تارودانت، لم تكن قرية «تنمل» أحسن حظاً مع الزلزال، غير أنها حظيت بتعاطف كبير، بلغ صداه أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، بعد الدمار الذي لحق بمسجد «تنمل» التاريخي، الذي يوجد بها، والذي بني في القرن الثاني عشر الميلادي، خلال حكم الدولة الموحدية.
في «تنمل»، تركت العائلات منازلها المدمرة، لتعيش في خيام، نصب أكثرها في ساحة قريبة من المسجد التاريخي، الذي انهار بشكل شبه كامل، قبل أسابيع قليلة من انتهاء عملية ترميمه وتثمينه من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
حين سألت «الشرق الأوسط» شيخاً، اسمه حسن، كان في طريق العودة إلى دواره القريب، عن شعوره بعد مرور شهر على الزلزال، أجاب بأن الصدمة تركت مكانها لخوف لم يستطِع كثيرون التخلص منه. وقال إن ما حدث كان مفاجئاً ولم يكن بالأمر الهين، ثم استدرك، وابتسامة رضا تملأ وجهه: «الحمد لله على كل حال».
موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال مصادر تتحدث عن اعتقال وزير الدفاع السابق في بنغازي
اكتشاف المزيد من موقع كتاكيت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.