باولو مالديني سر مسيرتي الطويلة في الملاعب

ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (باولو مالديني سر مسيرتي الطويلة في الملاعب )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.

يتحدث النجم البرازيلي تياغو سيلفا عن الأسباب التي تجعله لا يزال قادرا على تقديم مستويات رائعة وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، وعن التضحيات التي قدمها للوصول إلى أعلى مستوى، قائلا: «لا أستطيع العيش دون كرة القدم، فهي كل حياتي منذ أن كنت طفلاً صغيراً، ولا يزال شغفي بهذه اللعبة كما هو حتى اليوم. عيناي تلمعان قبل المشاركة في التدريبات من فرط حبي للعبة، وينطبق نفس الأمر أيضا على المشاركة في المباريات أو مشاهدتها، أو حتى عندما أشاهد أطفالي وهم يلعبون».

سيلفا ومارديني وقاء بعد سنوات من اللعب معاً (غيتي)

ويعد النجم البرازيلي المخضرم أحد اللاعبين النادرين الذين يبدو أنهم يتحسنون مع التقدم في العمر. انضم سيلفا إلى تشيلسي قادما من باريس سان جيرمان في صفقة انتقال حر عندما كان يبلغ من العمر 35 عاماً في صيف عام 2020. لم تكن هناك ضجة كبيرة بشأن انتقاله إلى «ستامفورد بريدج»، نظرا لأن النادي كان قد تعاقد في نفس الفترة مع نجوم آخرين جذبوا كل الأنظار، وهم كاي هافرتز وتيمو فيرنر وإدوارد ميندي، الذين انضموا لتشيلسي بمقابل مادي كبير. لكن سيلفا هو الوحيد من بين هؤلاء اللاعبين الذي لا يزال في النادي حاليا!

ووفقاً لسيلفا، فإن الفضل في الوصول إلى مستواه الحالي يعود إلى الأشياء التي لا يفعلها، بقدر ما يعود إلى الأشياء التي يفعلها. يوضح النجم البرازيلي ذلك قائلا: «أربع وعشرون ساعة في اليوم لا تبدو كافية! ما أقوم به في يومي من الصباح حتى الليل هو كالتالي: أستيقظ في نحو الساعة الثامنة صباحاً، ويجب أن أكون في ملعب التدريب عند الساعة 8.45 صباحاً. أصل إلى هناك وأتناول القهوة، وأقوم بما يجب علي القيام به قبل التدريب، ثم أتدرب».

ويضيف: «أجرى عمليات الاستشفاء والتعافي بعد نهاية التدريبات هنا في النادي، ثم أعود إلى المنزل وأستريح في غرفة المعالجة بالأكسجين عالي الضغط لمدة ساعتين. وعندما أستيقظ يكون فريقي من المحترفين والمتخصصين جاهزا لمساعدتي على مواصلة عمليات الاستشفاء. وأتناول الطعام بشكل جيد، ووجبة خفيفة بعد الظهر، وعشاء، ومكملات غذائية. وأحاول أن أكون مع عائلتي لبعض الوقت. في بعض الأحيان، أحضر أطفالي [يلعبون في أكاديمية تشيلسي للناشئين] إلى التدريب، وأشاهد جزءاً من تدريباتهم. وتتكرر نفس الأشياء في اليوم التالي، على أي حال. والتالي، فإن الأمر يتعلق بالاستشفاء والتعافي أكثر بكثير من التدريب الفعلي هذه الأيام، فالأهم هو التركيز على الأشياء التي تفيدك حتى لو كانت قليلة».

من يواسي من… سيلفا ونيمار بعد توديع مونديال 2022 (غيتي)

هناك سبعة محترفين يعملون مع سيلفا يومياً: طبيب، واختصاصي تغذية، واختصاصي علاج طبيعي، ووكيل أعمال، ومحام، ومدير للشؤون الصحافية، ومدرب شخصي. إنه يرى أن العمل مع هؤلاء المتخصصين عبارة عن استثمار بالنسبة له، وأحد الأشياء الأساسية التي ساعدته على الاستمرار في الملاعب لفترة طويلة. ويقول: «لكن في الوقت الحاضر، يرى الكثير من اللاعبين الشباب أن هذا الأمر مكلف وأنه إهدار للمال. إنهم يعتقدون أنهم يهدرون الأموال من خلال الاستعانة بمحترف لمساعدتهم، لكنني أعتقد أن العكس هو الصحيح تماما، فهذا استثمار».

ولد سيلفا في ريو دي جانيرو، وتألق في سن مبكرة وانضم إلى فلومينينسي وهو في الثانية عشرة من عمره. وحتى في ذلك الوقت، كان سيلفا مشغولا للغاية بدراسته والتدريب والتنقلات الشاقة التي كانت تستغرق أربع ساعات يوميا. إنه لا يشعر بأي ندم على أي شيء فعله، لكنه يدرك أنه كان يتعين عليه تقديم التضحيات لكي يصل إلى ما وصل إليه الآن. ويقول: «أعتقد أنه من الإنصاف أن أقول إنني فقدت جزءاً من طفولتي، ولن يعود أبدا. إنني لا أقول هذا لكي يتعاطف معي أحد، لكن هذا كان اختياري. لقد اخترت ذلك لأنني كنت أعلم أنه يمكن أن يمنحني ويمنح عائلتي مستقبلا أفضل».

النجم البرازيلي المخضرم يملك قوة بدنية هائلة (رويترز)

ويضيف: «كنت أذهب إلى المدرسة مبكراً ثم أذهب بعد انتهاء اليوم الدراسي مباشرةً إلى إكسيريم [مركز تدريب الناشئين في فلومينينسي]، والذي كان يبعد كثيرا عن مقر إقامتي. كنت أتدرب في إكسيريم، ثم أعود إلى المنزل عند نحو الساعة التاسعة مساءً. وأنا في طريقي للعودة إلى المنزل كنت أشاهد أصدقائي بالخارج يلعبون ويمرحون. كانون ينادونني ويطلبون مني أن أتحدث معهم. في بعض الأحيان كنت أتوقف لمدة 5 أو 10 دقائق للحديث معهم، وفي أحيان أخرى لم أكن أتمكن من القيام بذلك، لأنني كنت متعبا جدا. وكان هذا يعني عدم الاستمتاع بالوجود مع أصدقائي».

انتقل سيلفا إلى أوروبا للمرة الأولى عبر بوابة بورتو البرتغالي في عام 2004، ثم عاد إلى فلومينينسي بعد عامين. وفي عام 2009، انضم إلى ميلان، حيث التقى بأحد أكبر الملهمين له في مسيرته الكروية، وهو النجم الإيطالي باولو مالديني، الذي كان لا يزال يلعب وهو في الواحدة والأربعين من عمره. يقول سيلفا: «لقد أثار لقاء مالديني شيئاً ما بداخلي. كان عمري 24 عاماً عندما وصلت إلى هناك، وكنت أنظر إليه وأقول لنفسي إنني لو اعتنيت بنفسي ولم أتناول الخمر ولم أدخن ولم أسهر فإن هذا قد يعني أنني قد أصل إلى مستواه يوما ما». ويضيف سيلفا مبتسما: «أعني مستواه من حيث العمر بالطبع، وليس مستواه داخل المستطيل الأخضر، فعالم كرة القدم لم ينجب سوى مالديني واحد فقط!».

ويتابع: «لقد غير بالتأكيد عقليتي وطريقة تفكيري. لا يتعلق الأمر بمالديني فقط، ولكن هناك أيضا أليساندرو نيستا، الذي كان بمثابة مُعلم لي في التدريبات. كان قد عاد لتوه من عملية جراحية، وهو ما جعل الأمر صعباً بالنسبة له بعض الشيء، لكنه كان يركض معي ويساعدني. كان ينصحني فيما يتعلق بالتمركز داخل الملعب، وكنت أستمع لنصائحه جيدا. كنت أفعل ذلك بكل سرور، لأنني كنت دائماً أحب طريقة لعبه وطريقة تدريبه، فضلا عن إعجابي الشديد بقدراته وإمكاناته داخل الملعب. كنت أعلم جيدا أنني سأتعلم الكثير من اللعب بجواره».

وقبل أشهر قليلة من انضمامه إلى ميلان، لعب سيلفا مباراته الدولية الأولى مع المنتخب البرازيلي، وهي المباراة التي سحق فيها راقصو السامبا فنزويلا برباعية نظيفة. دافع سيلفا عن ألوان «السيليساو» لمدة 15 عاماً، خاض خلالها 113 مباراة دولية. وخلال تلك المسيرة الحافلة، كانت هناك لحظات توهج ونجاح – الفوز بكأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) على سبيل المثال – لكن كانت هناك أيضاً بعض لحظات التراجع والسقوط، والتي كان آخرها الهزيمة أمام كرواتيا في نهائيات كأس العالم 2022، وهي الهزيمة التي لم تتعاف منها البرازيل حتى الآن. منح نيمار التقدم للبرازيل في الدقيقة 105، لكن قبل نهاية المباراة بأربع دقائق أدرك برونو بيتكوفيتش هدف التعادل لكرواتيا، التي فازت بالمباراة بركلات الترجيح.

يقول سيلفا: «إنني أتألم كثيرا مما حدث في تلك المباراة. وما يجعلني أتألم أكثر هو أنني أرى الكثيرين يقولون إن البرازيل لم تلعب بشكل جيد على الإطلاق، وإننا قد خرجنا من البطولة دون أن نلعب بشكل جيد، وإنه كان بإمكاننا أن نفعل هذا أو ذاك… لكن بمجرد انتهاء الأمر، يكون من السهل جدا الإشارة إلى الأخطاء. قالوا إن فريد لم يكن يتعين عليه أن يتقدم للأمام، لكن هذا موقف داخل الملعب، ويتعين على اللاعب أن يتخذ قرارا في جزء من الثانية. تخيل لو نجح فريد في استعادة الكرة وسجلنا الهدف الثاني وفزنا بالمباراة؟ لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما».

ويضيف: «الفريق الأفضل لا يفوز دائماً بالمباراة، وهذا هو ما يؤلمني كثيرا، لأننا كنا نسير على الطريق الصحيحة، وكانت الأجواء جيدة للغاية، وكانت العلاقة بين اللاعبين ممتازة. لم يكن الأمر يتعلق باللاعبين فقط، بل بالفريق بأكمله، والجهاز الفني أيضاً». كانت هذه هي المشاركة الرابعة لسيلفا في كأس العالم. وكانت هناك ذكريات مؤلمة أخرى: الهزيمة أمام بلجيكا في روسيا عام 2018، وبالطبع الخسارة بسبعة أهداف مقابل هدف وحيد أمام ألمانيا في كأس العالم التي استضافتها البرازيل على أرضها قبل أربع سنوات، على الرغم من أن سيلفا لم يشارك في تلك المباراة.

لكن مباراة كرواتيا تعد هي الأكثر ألما بالنسبة لسيلفا، لأنه كان يحلم بالفوز بكأس العالم، ليس من أجله فقط، بل من أجل المدير الفني تيتي، الذي يكن له المدافع البرازيلي المخضرم كل الاحترام والتقدير. يقول سيلفا: «أنا ممتن له كثيرا لأنه آمن بي وحارب من أجلي. لقد حاولت أن أفعل ما بوسعي من أجله على أرض الملعب، بأفضل طريقة ممكنة، لكنني لم أتمكن من فعل الشيء المهم وهو مساعدته على الفوز بكأس العالم».

سيلفا بقميص ميلان (غيتي)

لكن لماذا لم يُعرض على تيتي تولي تدريب ناد كبير في أوروبا حتى الآن؟ يقول سيلفا: «لست متأكداً من السبب وراء ذلك، لكنني أعتقد أن عدم فوزه بكأس العالم هو السبب الرئيسي. يركز الناس فقط على النتائج، وليس على العمل الجيد الذي تقوم به. تيتي واحد من أفضل المديرين الفنيين الذين عملت معهم على الإطلاق. وأنا متأكد أنه لو جاء إلى أوروبا وتولى قيادة فريق كبير، فسوف يضيف له الكثير».

قضى سيلفا ثماني سنوات ناجحة إلى حد كبير مع باريس سان جيرمان، لكن على الرغم من الاستثمارات الضخمة وفوز النادي بسبعة ألقاب للدوري الفرنسي الممتاز، فإنه لم يفز أبداً بدوري أبطال أوروبا. يقول سيلفا: «انظر، لا شيء يحدث بين عشية وضحاها! لن تتمكن من تحقيق كل شيء لمجرد أن لديك الكثير من الأموال، فهذه ليست هي الطريقة التي تعمل بها كرة القدم. فإذا لم تكن لديك خطة واضحة لما تريد القيام به، فلن تنجح الأمور. أولاً وقبل كل شيء، يجب أن تحظى بالاحترام داخل بلدك حتى تحظى بالاحترام في الخارج. إننا لم نفعل ذلك، بل فعلنا العكس. لقد كنا نريد أن نكون محبوبين في الخارج، لكننا لم نفعل أي شيء لنحظى بالاحترام في الوطن». وبعد انتقاله إلى تشيلسي، فاز سيلفا بدوري أبطال أوروبا في موسمه الأول مع البلوز. وبصرف النظر عن هذا النجاح، يعاني تشيلسي كثيرا بسبب تغيير ملكية النادي وتعاقب أربعة مديرين فنيين على القيادة الفنية للفريق خلال أربع سنوات: فرانك لامبارد، وتوماس توخيل، وغراهام بوتر، والآن ماوريسيو بوكيتينو.

ويكن سيلفا مودة خاصة للامبارد، الذي أحضره إلى النادي، ويقول عن ذلك: «إذا كنت هنا اليوم أشعر بالسعادة والمشجعون يحبونني، فهذا كله بفضل النجم الأسطوري فرانك لامبارد». ويشير سيلفا إلى أن بوكيتينو كان له الفضل في مساعدته على استعادة لياقته ومستواه، ويقول: «لقد ساعدني بوكيتينو كثيراً على تحسين لياقتي البدنية. لا يعني هذا أنني كنت راضياً عن نفسي، لكنني كنت أشعر بأن كل شيء على ما يرام وأشعر بأنني بحالة جيدة، لكنه تمكن من إخراجي من منطقة الراحة الخاصة بي وساعدني على أن أكون أفضل من الناحية البدنية».

يُعد سيلفا أكبر لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز (بعيدا عن مركز حراسة المرمى) بعمر 39 عاماً وشهرين، ويريد الاستمرار لموسم أو موسمين آخرين. ومع ذلك، يستعد النجم البرازيلي المخضرم للعمل في مجال التدريب، ويقول: «أنا بالفعل مدرب داخل الملعب، أليس كذلك؟ نظرا لأنني ألعب كمدافع وأشاهد الملعب من الخلف، فإنني أرى الكثير من المواقف المختلفة، ثم أحذر الآخرين من مواقف معينة. وأتحدث إلى الطاقم التدريبي وإلى بوكيتينو، حتى لا نرتكب الأخطاء. في بعض الأحيان، نكون نحن فقط الموجودين داخل الملعب من يدركون ما هو الخطأ وما يمكن القيام به بشكل أفضل. وهناك مواقف يراها الأشخاص الموجودون خارج الملعب بعقل صاف وبشكل أفضل. هذه العلاقة مهمة جدا».

ومع اقتراب محادثتنا من نهايتها، أوضح سيلفا مدى أهمية المنتخب البرازيلي بالنسبة له، وقال إنه مستعد للعب للسيليساو مرة أخرى إذا قرر المدير الفني المؤقت، فرناندو دينيز، استدعاءه. وأضاف: «الشيء الجيد في كرة القدم هو الدردشة، والأجواء الجيدة داخل غرفة خلع الملابس. سأفتقد ذلك كثيراً عندما أعتزل. سأفتقد ذلك لأن أهم شيء في العالم هو أن تكون في بيئة سعيدة، مثل بيئة العمل في المنتخب البرازيلي».

سيلفا بقميص سان جيرمان(غيتي) Cutout

وبعد نهاية مونديال قطر، قال سيلفا إن هذه ستكون بالتأكيد آخر مشاركة له في نهائيات كأس العالم، ولمّح إلى أن هذه كانت نهاية مشواره على الإطلاق مع المنتخب البرازيلي. لكن ربما لم يكن الأمر كذلك، حيث يقول سيلفا: «عندما ترى الإعلان عن القائمة الجديدة، فإن ذلك الشيء الذي بداخلك يخرج مرة أخرى، ويجعلك تسأل نفسك عما إذا كان مشوارك مع المنتخب الوطني قد انتهى إلى الأبد أم أنه يتعين عليك أن تحاول من جديد. هناك الكثير من الأشياء التي تدور في رأسك في ذلك التوقيت». ويضيف: «لا أستطيع أن أقول إنني لا أريد أن يتم استدعائي لقائمة المنتخب الوطني بعد الآن. فإذا أتيحت لي الفرصة لمساعدة اللاعبين الشباب في المنتخب، فأنا متاح. أعتقد أنه لا يمكنك أبداً أن ترفض الانضمام للسيليساو إذا تم استدعاؤك». وكما هو الحال مع أي شيء حدث خلال مسيرة سيلفا الكروية الحافلة بالإنجازات، يجب عدم استبعاد أي شيء!

* خدمة «الغارديان»


موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال باولو مالديني سر مسيرتي الطويلة في الملاعب