الجزائري واسيني الأعرج يفوز بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة الأدب والفنون

ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (الجزائري واسيني الأعرج يفوز بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة الأدب والفنون )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.

شعيب حليفي: أسوأ سيناريو للرواية أن يُنظر إليها بوصفها وثيقة

بين الإبداع الروائي والتنظير الأكاديمي والنقد الأدبي، تتعدد وجوه التجربة الثقافية للكاتب المغربي شعيب حليفي الذي صدر له في مجال الرواية  عدد من الأعمال منها «زمن الشاوية»، «رائحة الجنة»، «لا تنس ما تقول»، «مساء الشوق»، «مجازفات البيزنطي»، «تخمينات مهملة»؛ ومؤخرا صدرت له راوية جديدة  بعنوان «خط الزناتي». وفي مجال الدراسات والتأملات وأدب الرحلة والنقد، صدر له «لا أحد يستطيع القفز فوق ظله»، «أسفار لا تخشى الخيال»، «سبع رسائل إلى صالح بن طريف»، «شعرية الرواية الفانتستكية»، «الرحلة في الأدب العربي». كما تولى عددا من المناصب الأدبية من أبرزها رئاسة «مختبر السرديات»… هنا حوار معه، حول هموم الكتاب وروايته الجديدة.

> في روايتك «خط الزناتي»، التي صدرت مؤخراً ثمة احتفاء بالطبيعة وبهجة الكائنات وثنائية الليل والنهار بعيداً عن الزحام وصخب المدينة. هل أردت التحرر من الأجواء المكررة التي باتت تحكم فضاء الرواية العربية؟

– الرواية مثل السحر. بل هي السحر بمفهومه الفلسفي والثقافي العام. لذلك فكتابة نص سردي ليس مجرد اختلاق للحكاية أو محاكاة باهتة ومصطنعة لأحداث وشخصيات، وإنما هي خلق حقيقي للمحتمل في صوره اللامتناهية في الحياة. والحياة ليست هي الأنا والأحداث المكرورة، ولكنها هذا العالم الساحر والعجيب الذي نراه ولا نُبصره، نعيشه ولا نتذوقه؛ وربما كان شعراء العصور القديمة ورواتها أكثر إدراكاً منا لجوهر الثقافة والحياة وهم يحتفون بالكائنات التي نحيا معها. قد نسمي هذا وعياً بيئياً وحبّاً للطبيعة، ولكن الحقيقة أن صخب المدن وأوهامها فصَلنا عن عوالمنا الأصلية التي نحيا فوقها ونتنفس ونتغذى بها، وأفقدَنا رؤية ذواتنا بالوضوح الذي يجعل خيالنا وتخيلنا رائقاً وسلساً ومستمراً. في روايتي «خط الزناتي»، عودة إلى الزمن في صيرورته والحكاية في تعالقاتها الإنسانية، فالكلب والقنفذ والحجر والتراب والسنابل والماء والظلام والحمار والطائر باسمه وصفاته إلى جانبهم الإنسان وغيرهم من الكائنات، جميعهم شخصيات تفكر وتتأمل مشدودة إلى ذاكرة المكان وطاحونة الزمن. وقد شعرتُ في هذه الرواية أنني استعدتُ بصري وبصيرتي التي كنت أبحث عنهما في رواياتي السابقة.

> تدور الرواية في يوم واحد من أيام الحصاد في حياة «موسى الزناتي» وبقية الشخصيات مع تقسيم الفصول إلى «جزء نهاري» و«جزء ليلي». هل يشغلك هاجس التجريب أم تضع التواصل البسيط والحميم مع المتلقي في مرتبة تسبق إشكاليات السرد وألاعيبه؟

– التخييل السردي ليس وصفة جاهزة؛ والإبداع خلق يحمل من روح ورؤية وهواجس مؤلفه شيئاً، وشيئاً من الأثر المشترك في المجتمع كما نحياه أو كما نتخيله ونقرأه، والباقي من كيمياء الكتابة والجنس الأدبي والتلقي وعناصر أخرى. في كل رواياتي، منذ «زمن الشاوية»، تعودتُ اللجوء إلى طريقة أراها متممة للرواية، وهي أنني حينما أنتهي من كتابتها ومراجعتها، أسلمها لخمسة قراء بحد أقصى لقراءتها وإبداء ملاحظاتهم العفوية، وكنتُ أحرص على سؤالهم: هل هي مفهومة وسلسة؟ لكن الأهم في هؤلاء القراء هو تنوعهم، منهم المثقف المتخصص والمثقف بشكل عام ثم قراء من العامة ومنهم من البادية ممن لهم مستوى دراسي بسيط. وما وقع لي مع رواية «خط الزناتي» على سبيل المثال أني استمتعتُ كثيراً بملاحظات قارئ من البادية، ومن قارئة من تخصص علمي بعيد عن العلوم الإنسانية. وهذا يعني أن الرواية بالنسبة لي لا بد أن تحقق تواصلاً أفقياً وتأثيراً أيضاً، فالكاتب ليس كائناً مجنحاً يخاطب نخبة تحيا في عوالم معزولة، بالإضافة إلى أن الكتابة فن يطمح إلى العيش أطول ما يمكن، وفي أزمنة أخرى مع أجيال وخطابات أخرى، وهذا لن يتحقق ما لم يكن تخييلاً أصيلاً وليس مستعاراً ومنسوخاً.

> يتضمن العمل إشارة منك بصفتك المؤلف إلى أن «الأحداث بكل تفاصيلها حقائق وقعت بالفعل»، وأنك «نقلت ما جرى بأقصى درجة من الأمانة والمسئولية». هل وظيفة الفن نقل الواقع بأمانة، وأين دور الخيال في هذه الحالة، وهل تنظر للفن الروائي تحديداً بوصفه وثيقة اجتماعية وتاريخية؟

– الكاتب هو الأسلوب والشكل والخيال، كما أن قدرة التخييل تكمن في مدى خلق توقعات ونقضها في الآن نفسه. الرواية ليست كاميرا أو عين كائن محايد. والأمانة الحقيقية هي في إبداع تخييل تحيا بداخله جينات المعارف والخبرات الإنسانية، ولعل أسوأ السيناريوهات بالنسبة لأي رواية أن تُقرأ بوصفها وثيقة. يمكن للعمل الروائي أن يساعد المؤرخ والسوسيولوجي الذكي في إضاءة رؤية وليس تأكيد أحداث ووقائع.

في الإشارة التمهيدية التي جاءت أسفل صفحة بأسماء «كائنات الرواية»، تقول: (الأحداث بكل تفاصيلها… حقائق وقعت بالفعل. ويشهد المؤلف أنه نقل كل ما جرى بأقصى ما يمكن من الأمانة والمسؤولية، وحينما أطْلعَ كائنات هذه الرواية على ما كتبه… أذهلهم لمعانُ التطابق، فقرروا الخروج من الواقع، بشكل جماعي، والهروب إلى الرواية لمواصلة العيش فيها). الأهم في هذا التذييل هو الجملة الأخيرة التي تهدم الجملة الأولى، ذلك أن شخوص الرواية حينما اطلعت على المكتوب أذهلها، وقررت الهروب من عالم الواقع إلى عالم الرواية، مما يعني أن الرواية هي عالم قائم بذاته بوصفه تخييلاً يجابه الواقعي والحقيقي في لمعانه. وإذا شئت الدنو أكثر من هذه الفكرة، أقول إن الأمر أشبه بكائن ينظر في المرآة فيرى كائنات وأحداث وهو بينها عنصر في حالات محتملة أكثر مما هي واقعية.

> كيف تصنّف «خط الزناتي» في سياق مشروعك الروائي؟

– الإجابة عن هذا السؤال تأخذنا إلى سياق مشروع الكتابة في علاقتها بكل ما أفعله وأفكر فيه. بالنسبة لي، رواية «خط الزناتي» هي فصل آخر من مشروع ثقافي أنا جزء منه، فيه الإبداعي والأكاديمي؛ بل الرواية مسار إلى جانب مسارات أخرى أحياها مرتبطة ومتصلة ومتفاعلة. إنها نص أعتقد أن فيه جدّة، بالنسبة لما كتبت، في الدنو من الخيال الوحشي دون ترويضه، وإنما مجاورته والإنصات إليه ثم التعلم منه. الخيال الوحشي للرعاة والفلاحين والحصّادين والحيوانات والطيور.

> من واقع خبرتك كيف تنظر للرواية المغربية في أفقها العربي؟ وما رأيك في الانطباع السائد لدى كثيرين في بلدان «المشرق» من أن التنظير والشعر يتألقان في المغرب بينما لا تبدو الرواية بالألق نفسه؟

– ربما في سبعينات القرن الماضي كان يمكن القول بهذا مع التحفظ، لكن اليوم الرواية المغربية مثل نظيرتها في المشرق وبعض الدول الأوربية المتوسطية وغيرها. صحيح أن ظهور الرواية في المغرب العربي، جاء متأخراً عن مثيلتها في المشرق، لكن الرواية المغربية اليوم تحظى بحضور لافت وتترجم العديد من النصوص منها سنوياً إلى لغات كثيرة، كما تفوز بجوائز، وحاضرة في كل المعارض العربية والدولية. لقد استطاعت الرواية المغربية أن تحقق وجوداً فنياً إلى جانب الأجناس الأدبية والفنية الأخرى، بموازاة الاهتمام النقدي بها.

> يشكو بعض المبدعين المغاربة من تهميش نقدي وقع عليهم بسبب المسافة الجغرافية التي أبعدتهم عن مراكز الثقل التاريخية في الثقافة العربية مثل القاهرة وبيروت وبغداد. كيف ترى الأمر؟ وبأي عين تنظر إلى ما يشاع حول ثنائية «المركز والهامش» في هذا السياق؟

– الفكرة بهذه الصيغة ربما كانت قبل مائة سنة، أما الآن فيمكن القول بأننا نحن – العرب – هامش بالنسبة للمركزية الأوربية. وأعتقد أن ما يقوم به النقاد والباحثون في الملتقيات والمؤتمرات والمعارض قد ألغى المسافات وباتت كل العواصم العربية مراكز لوجود نخبة مثقفة وصناعة ثقافية وجامعات وأنشطة ولقاءات. وإذا جاز الحديث عن نفسي أو من أعرفهم، أقول إننا لا نشعر بأي حيف أو نقص، فنحن على اتصال دائم بالمبدعين في الوطن العربي وكتبنا موجودة في طبعات متعددة.

> لك اهتمام خاص بأدب الرحلة تجلى في كتابك «الرحلة في الأدب العربي»… كيف ترى واقع هذا الجنس الأدبي وحاضره مقارنة بماضيه؟

– جنس الرحلة من الإبداع العربي يتقاسمه الأدب والتاريخ والاجتماع والأنثروبولوجيا والثقافة عموماً، والاهتمام به تزايد لأنه ملأ فراغاً مهماً على مستوى الخيال والتوثيق الذي كان التاريخ يستفرد به، ولدينا في العالم العربي تراث كبير من سرود الرحلة، وقد عدت إليها من أجل قراءتها في ضوء مناهج جديدة تستجلي صور الأنا والآخر في مراحل تاريخية سابقة، كما تعكس مدى ثراء الحوار الثقافي والحضاري بين الشعوب.

> أنت روائي وناقد وأكاديمي. هذا التنوع يشتت تجربتك أم يحدث بينها نوع من التكامل؟

– كل إنسان يحتاج إلى سكتين ليسير عليهما ليحقق التوازن، وبالنسبة لي العمل النقدي يندرج ضمن انخراطي الأكاديمي ونشاطي الثقافي بوصفهما ضرورة لدور المثقف في مجتمع يتطلع إلى حياة أفضل في سياق متلاطم وتحولات عنيفة تُطيح يومياً بكل القيم وتشكك في الذاكرة وتُبخس الثقافة. كما أن أي كاتب له القدرة خلق جسور بين اهتمامات متنوعة دون الخلط بينها، وهو حالي بين كتابة الرواية التي هي طقس يختلف عن الكتابة النقدية والبحث الأدبي.

> هل الخلفية النقدية الأكاديمية بما تتضمنه من حذر وأطر تنظيرية يمكن أن تتحول إلى عبء على خيال الروائي وجموحه الأدبي؟

– يمكن أن تكون عاملاً مدمراً إذا كان الإبداع شأناً ميكانيكياً، وأرى بأننا في حياتنا – دائماً – نستطيع أن تكون لنا مسافات بين الاهتمامات، كما أن خصوصيات كل مجال تقتضي أدواته ومزاجه؛ وأعتقد أن التخييل الذي أشتغل بداخله مثل فرن عالي الحرارة يذيب ويصهر كل شيء من خارج جنسه. بين الإبداع الروائي والتنظير الأكاديمي والنقد الأدبي، تتعدد وجوه التجربة الثقافية للكاتب المغربي شعيب حليفي. ففي مجال الرواية صدر له عدد من الأعمال منها «زمن الشاوية»، «رائحة الجنة»، «لا تنس ما تقول»، «مساء الشوق»، «مجازفات البيزنطي»، «تخمينات مهملة»؛ ومؤخراً صدرت له رواية جديدة بعنوان «خط الزناتي». وفي مجال الدراسات والتأملات وأدب الرحلة والنقد، صدر له «لا أحد يستطيع القفز فوق ظله»، «أسفار لا تخشى الخيال»، «سبع رسائل إلى صالح بن طريف»، «شعرية الرواية الفانتستيكية»، «الرحلة في الأدب العربي». كما تولى عدداً من المناصب الأدبية من أبرزها رئاسة «مختبر السرديات». هنا حوار معه، حول هموم الكتاب وروايته الجديدة.

 


موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال الجزائري واسيني الأعرج يفوز بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة الأدب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *