
ننقل لكم في موقع كتاكيت موضوع (آبار القرى المغربية تنضب أمام شبح الجفاف… والسكان مهددون بالعطش )
نتمنى لكم الفائدة ونشكر المصدر الأصلي على النشر.
في صباح كل يوم، تجر خديجة محافظ حمارها النحيف وعلى ظهره بعض العبوات البلاستيكية الكبيرة، وتذهب لجلب الماء من بئر غير بعيدة عن مسكنها.
ترمي بدلوها حتى قعر البئر، وبعناء كبير تستطيع ملء القليل من الماء الذي بالكاد يكفي للشرب والاستخدامات المنزلية ليوم واحد فقط، فلا يوجد مياه في صنبور بيتها، شأنها شأن كثير من الأسر في قرية كشاتة في ضواحي مدينة صفرو القريبة من مدينة فاس المغربية.
وقالت خديجة لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «هذا حالي كل يوم، فأنا المسؤولة عن جلب المياه من البئر؛ لأن زوجي يعمل بشكل يومي في إحدى ضيعات (مزارع) الفواكه القريبة من القرية، فإذا لم أجد ماء أجلبه، فسأضطر إلى تأجيل بعض الأعمال المنزلية التي تتطلب ماء كثيراً ليوم آخر، لكن ماء الشرب على الأقل يجب توفيره».
تطغى على خديجة، البالغ عمرها 27 عاماً، ملامح الإعياء وهي تقول: «لا أهتم بشرب ماء البئر الذي أحياناً لا يكون صافياً كفاية، لكن أقلق بشأن ابني وأخاف على صحته».
القرية التي تضم ما يقرب من 66 أسرة تنهل جميعها من ماء بئر وحيدة تتوسط القرية، ومع ظروف الجفاف القاسية بدأت مياهها تنضب حتى إنها لا تكفي سكان القرية. ولدى بعض سكان كشاتة صنبور ماء في بيته، بينما يضطر آخرون ممن ليس لديهم ماء في بيوتهم للاعتماد تماماً على البئر.
وقال الحسين الطالبي، أحد سكان كشاتة، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «هذه السنة، وحتى السنة الماضية، لم أذق طعم الزيتون الذي تعودت عليه لسنوات؛ لأن محصولي من الزيتون لم ينتج شيئاً هذه السنة؛ لعدم سقوط الأمطار، ومعظم سكان القرية يعيشون من محاصيلهم الزراعية وخاصة الزيتون الشهير بالمنطقة».
الطالبي، وهو أب لخمسة أبناء، ويعمل في أحد المطاعم الشعبية بمدينة إيموزار، وهي منطقة بجبال الأطلس المتوسط، يضطر لأن يبقى بعيداً عن أسرته من أجل لقمة العيش؛ ولأن أزمة الجفاف أجهزت على محصوله من الزيتون، فلم يتبق له مورد للعيش.
ومضى يقول: «أزور أسرتي كل 20 يوماً، أتفقد أبنائي وأجلب حاجات البيت من المواد الأساسية، وأجلب الماء ولو ليوم واحد؛ للتخفيف عن زوجتي التي تقوم بالأمر في غيابي».
وأضاف الطالبي في حسرة على ما آلت إليه وضعية قريته: «أنا قلق جداً على أسرتي، فإذا نضب الماء من البئر فكيف سنتدبر أمورنا؟ فهو المورد المائي الوحيد لنا بالقرية مع أنني أستعمل ماء الصنبور، لكن لا يمكنني سقي حديقة بيتي بماء الصنبور، ولا حتى بالنسبة للاستخدامات المنزلية، فلا بديل عن ماء البئر».
ويعتمد سكان البوادي في المغرب بشكل كبير على مياه الآبار لتلبية احتياجاتهم من الماء، سواء للشرب أو لري المحاصيل الزراعية، وفي بعض القرى يتم بناء آبار سطحية للحصول على المياه باستخدام تقنيات الري التقليدية، مثل الري بالتنقيط، لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المائية المتاحة.
ومع ذلك، فهم يواجهون تحديات متزايدة بسبب انخفاض مستوى المياه الجوفية، وزيادة تأثيرات الجفاف في المغرب.
وقال الخبير الزراعي ومنسق التجمع البيئي بشمال المغرب محمد بنعطا، إن المغرب في الفترات الأخيرة استنزف موارده المائية غير السطحية المتعلقة بالسدود التي وصلت نسبة ملء بعضها إلى أربعة في المائة، كما استهلك بشكل كبير «الموارد الباطنية المتعلقة بالفرشات المائية التي وصلت لدرجة استنزاف خطرة».
والفرشات المائية هي موارد مائية في باطن الأرض، وتنتج عن تسرب مياه الأمطار إلى طبقات القشرة الأرضية، أو تلك التي تكونت عبر الأزمنة الغابرة.
وأضاف بنعطا: «هناك مخاوف بالنسبة للآبار الموجودة بالقرى المغربية، فبعض القرى المجاورة للعاصمة الرباط، ومن خلال زيارة ميدانية قمت بها هناك، تأكد لي أن أغلب الآبار شبه جافة».
وتابع قائلاً: «مياه الآبار والعيون بالنسبة لسكان بعض القرى هي المورد المائي الوحيد، خاصة تلك التي لم تصلها إمدادات الماء، وتستخدم هذه المياه بشكل أساسي في الزراعة والشرب، الأمر الذي يتطلب الحفاظ على هذه الموارد لضمان استدامتها وعدم تلوثها».
وعزا بنعطا استنزاف الموارد المائية بالقرى المغربية إلى حفر الآبار بشكل عشوائي، مما يجعل تحديد رقم حقيقي عن عدد الآبار بالبلاد أمراً صعباً.
وقال الخبير الزراعي: «اعتماد بعض القرى على مياه الآبار والعيون يرفع من نسبة استهلاكها، وهو ما يهلك الفرشة المائية، غير أن بعض سكان القرى ممن لديهم إمكانات يستخدمون الطاقة الشمسية لضخ مياه الآبار، وهو ما من شأنه التخفيف من نسبة استهلاك الماء».
وبحسب تقرير لوزارة التجهيز والماء في المغرب، الشهر الماضي، بلغ حجم الموارد المائية في السدود المغربية حتى بداية العام الحالي 646 مليون متر مكعب، بنسبة تقل 70 في المائة، مقارنة بحجم الموارد المائية في العام السابق.
ويقدر المخزون المائي في السدود حتى الشهر الماضي بما يقرب من 3.74 مليار متر مكعب، وفق تقرير الوزارة، أي ما يعادل 23.2 في المائة من السعة الإجمالية للسدود في البلاد، مقابل 31.7 في المائة في العام السابق.
ويملك المغرب 153 سداً كبيراً بسعة إجمالية تبلغ 20 مليار متر مكعب، فضلاً عن 141 سداً صغيراً ومتوسطاً، و15 محطة لتحلية مياه البحر بقدرة إنتاجية تبلغ 192 مليون متر مكعب، بحسب بيانات وزارة التجهيز والماء.
ولضمان الأمن المائي والحد من تأثير التغيرات المناخية في المغرب، صاغت وزارة التجهيز والماء برنامجاً وطنياً للتزويد بماء الشرب ومياه السقي للفترة من 2020 إلى 2027 بتكلفة إجمالية تبلغ 143 مليار درهم.
ومن بين التدابير الاستباقية التي اتخذتها الوزارة لسد النقص المائي، خاصة في القرى، حفر آبار استكشافية لتوفير المياه الصالحة للشرب، وتوفير شاحنات ومحطات متنقلة لتحلية مياه البحر وغيرها. ووفقاً لبيانات الوزارة، تم حفر 120 بئراً بين عامي 2021 و2023 بالحوض المائي لأبو رقراق والشاوية في العاصمة الرباط.
ودفعت أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من 20 عاماً السلطات المغربية إلى حظر استخدام ماء الشرب في تنظيف الشوارع أو ري المتنزهات في المدن، والتوقف عن استخدام ماء السدود في ري بعض مناطق الزراعة الرئيسية.
موقع كتاكيت موقع منوع ننقل به أخبار ومعلومات مفيدة للمستخدم العربي. والمصدر الأصلي هو المعني بكل ما ورد في مقال آبار القرى المغربية تنضب أمام شبح الجفاف… والسكان مهددون بالعطش
اكتشاف المزيد من موقع كتاكيت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.